فصل: (32/45) باب قتل من صرح بسب النبي - صلى الله عليه وسلم - دون من عرّض

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[32/45] باب قتل من صرح بسب النبي - صلى الله عليه وسلم - دون من عرّض

5065 - عن علي: «أن يهودية كانت تشتم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقع فيه فخنقها رجل حتى ماتت فأبطل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دمها» رواه أبو داود ورجاله ورجال الصحيح.
5066 - وعن ابن عباس «أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تنزجر فلما كان ذات ليلة جعلت تقع على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشتمه فأخذ المعول فجعله في بطنها واتكأ عليه فقتلها، فلما أصبح ذكُر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فجمع الناس فقال: أنشد الله رجلًا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام، فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتدلدل حتى قعد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أنا صاحبها كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذت المعول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألا اشهدوا أن دمها هدر»، رواه أبو داود والنسائي واحتج به أحمد في رواية ابنه عبد الله، وقال في "بلوغ المرام": رواته ثقات.
5067 - وعن أنس قال: «مرّ يهودي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال السام عليك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليك، قالوا: يا رسول الله ألا نقتله؟ قال: لا إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم»، رواه أحمد والبخاري، وقد سبق أن ذو الخويصرة قال: «يا رسول الله اعدل وأنه منع من قتله».
وقد نقل ابن المنذر الاتفاق أن من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - صريحًا وجب قتله وسب النبي - صلى الله عليه وسلم - كفرٌ صريح.

.أبواب أحكام الردة والإسلام

.[32/46] باب قتل المرتد

5068 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة» رواه الجماعة.
5069 - وعن عكرمة قال: «أُتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بدل دينه فاقتلوه» رواه الجماعة إلا مسلمًا وليس لابن ماجة فيه سوى «من بدل دينه فاقتلوه».
5070 - وأخرج البخاري في الجهاد من حديث أبي هريرة حديثًا وفيه «وأن النار لا يعذب بها إلا الله».
5071 - ولأبي داود من حديث ابن مسعود بلفظ «وأنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار».
5072 - وفي حديث أبي موسى: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له اذهب إلى اليمن، ثم أتبعه معاذ بن جبل، فلما قدم معاذ عليه ألقى له وسادة وقال: انزل فإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديًا فأسلم، ثم تهود، قال: لا أجلس حتى يقتل قضى الله ورسوله» متفقٌ عليه، وفي رواية لأحمد: «قضى الله ورسوله أنه من رجع عن دينه فاقتلوه» ولأبي داود في هذه القصة «فأتى أبو موسى برجل قد ارتد عن الإسلام فدعاه عشرين ليلة أو قريبًا منها فجاء معاذ فدعاه فأبى فضرب عنقه».
5073 - وعن محمد بن عبد الله بن عبدٍ القاري قال: «قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبي موسى فسأله عن الناس فأخبره ثم قال هل من مغربه خبر؟ قال: نعم رجل كفر بعد إسلامه، قال: ما فعلتم به؟ قال: قربناه فضربنا عنقه، فقال عمر: هلا حبستموه ثلاثًا وأطعمتموه كل يوم رغيفًا واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله اللهم إني لم أحضر ولم أرض إذ بلغني» رواه الشافعي.
5074 - وعن معاذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه، فإن تاب فاقبل منه، وإن لم يتب فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها، فإن تابت فاقبل منها، وإن أبت فاستتبها»، رواه الطبراني في "الكبير"، وفي رواية عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أرسله إلى اليمن قال: «أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه، فإن عاد وإلا فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها، فإن عادت وإلا فاضرب عنقها» قال الحافظ وسنده حسن.
5075 - وعن جابر «أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يعرض عليها الإسلام، فإن تابت وإلا قتلت» أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريقين وزاد في أحدهما: «فأبت أن تسلم فقتلت». قال الحافظ وإسنادهما ضعيفان، وفي الباب أحاديث يقوي بعضها بعضًا.
قوله: «بزنادقة» بزاي ونون وقاف جمع زنديق بكسر أوله وسكون ثانيه، وقد اختلف في تفسير الزنديق، وقد أطلق جماعة من الشافعية الزندقة على من يخفى الكفر ويظهر الإسلام، وقال النووي في "الروضة": الزنديق الذي لا ينتحل دينًا.

.[32/47] باب ما يصير به الكافر مسلمًا

5076 - عن ابن مسعود قال: «إن الله عز وجل ابتعث نبيه لإدخال رجل الجنة فدخل الكنيسة وإذا يهود وإذا يهودي يقرأ عليهم التوراة، فلما أتوا على صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - أمسكوا وفي ناحيتها رجل مريض، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لكم أمسكتم، فقال المريض إنهم أتوا على صفة نبي فأمسكوا، ثم جاء المريض يحبو حتى أخذ التوراة فقرأ، حتى أتى على صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته، فقال: هذه صفتك وصفة أمتك أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لوا أخاكم»، رواه أحمد والطبراني وقال في "مجمع الزوائد": في إسناده عطاء بن السائب، وقد اختلط.
5077 - وعن أبي صخر العقيلي قال: حدثني رجل من الأعراب، قال: «جلبت جلوبة إلى المدينة في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغت من بيعتي قلت: لألقين هذا الرجل ولأسمعن منه، قال: فتلقى بي بين أبي بكر وعمر يمشون فتبعتهم في أقفالهم حتى أتوا على رجل من اليهود ناشر التوراة يقرأها يعزي بها نفسه على ابنٍ له في الموت كأحسن الفتيان وأجمله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنشدتك بالذي أنزل التوراة هل تجد في كتابك هذا صفتي ومخرجي؟ فقال برأسه هكذا أي لا، فقال ابنه: أي والله الذي أنزل التوراة بالحق إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال: أقيموا اليهودي عن أخيكم، ثم ولى دفنه وجننه والصلاة عليه» رواه أحمد وقال في "مجمع الزوائد": أبو صخر لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح، وقال ابن حجر في "المنفعة": اسمه عبد الله بن قدامة وهو مختلف في صحبته وجزم البخاري ومسلم وابن حبان وغيرهما بأن له صحبة، ثم ذكر ابن حجر الاضطراب في إسناده.
5078 - وعن أنس «أن يهوديًا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أشهد أنك رسول الله ثم مات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صلوا على صاحبكم»، رواه أحمد من رواية ههنا محتجًا به، قال في "مجمع الزوائد": أخرجه أبو يعلى بإسناد رجاله رجال الصحيح.
5079 - وعن ابن عمر قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني حنيفة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل ويأسر ودفع إلى كل رجل منا أسيره حتى إذا أصبح أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، فقلت والله لا يقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره حتى قدمنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين» رواه البخاري وفيه دليل على أن الكناية مع النية كصريح لفظ الإسلام.
5080 - وعن رجل من الأنصار: «أنه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بجارية فقال: يا رسول الله، عليَّ رقبة مؤمنة أفأعتق هذه؟ فقال لها رسول الله أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أن محمدًا رسول الله؟ قالت: نعم، قال: أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ قالت: نعم، قال: اعتقها»، رواه في "الموطأ" وأحمد ورجاله أئمة وسيأتي.
5081 - وعن الشريد بن سويد الثقفي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال لجارية: من ربك؟ قالت: الله، قال: فمن أنا؟ قالت: رسول الله، قال: اعتقها فإنها مؤمنة» رواه أبو داود والنسائي وسيأتي.
5082 - وعن معاوية بن الحكم السلمي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لجارية أراد معاوية بن الحكم أن يعتقها عن كفارة: «أين الله؟ قالت: في السماء، فقال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، فقال: اعتقها»، رواه مسلم و"الموطأ" وأبو داود والنسائي.
5083 - وعن عمر بن الخطاب قال: «بينا نحن جلوس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم إذ طلع رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، فقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا»، رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الجامع مطولًا.
5084 - وهو عند البخاري أيضًا من حديث أبي هريرة.
5085 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» أخرجاه.
قوله: «ابتعث الله نبيه» أي بعثه.
قوله: «وجننه» الجنن بالجيم ونونين القبر ذكره في "النهاية".
قوله: «صبأنا» أي دخلنا في دين الصابية، وكان أهل الجاهلية يسمون من أسلم صابيًا.

.[32/48] باب صحة الإسلام مع الشرط الفاسد

5086 - عن نضر بن عاصم الليثي عن رجل منهم: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلم على أن يصلي صلاتين فقبل منه» رواه أحمد، وفي لفظ آخر: «على أن لا يصلي إلا صلاتين فقبل منه».
5087 - وعن وهب قال: «سألت جابرًا عن شأن ثقيف إذ بايعت، فقال اشترطت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا صدقة عليها ولا جهاد وأنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول بعد ذلك: سيتصدقون ويجاهدون»، رواه أبو داود ولا بأس بإسناده.
5088 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: «أسلم قال أجدني كارهًا، قال: أسلم وإن كنت كارهًا» رواه أحمد.

.[32/49] باب ما جاء في أولاد المشركين

5089 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء، ثم يقول أبو هريرة: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:30] الآية» متفق عليه، وفي رواية متفق عليها أيضا، قالوا: «يا رسول الله! أفرأيت من يموت منهم وهو صغير؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين».
5090 - وعن ابن مسعود: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد قتل عقبة بن أبي معيط، فقال: من للصبية؟ قال: النار»، رواه أبو داود والدارقطني في الأفراد، وقال فيه: «النار لهم ولأبيهم» وسكت عنه أبو داود والمنذري، ورجال إسناده ثقات إلا علي بن الحسين الرقي قال في "التقريب": صدوق، وقال ابن الجوزي في "جامع المسانيد": لا يصح في تعذيب الأطفال حديث.
5091 - وعن سمرة بن جندب في حديثه الطويل في تعبير الرؤيا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه: «وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام وأما الولدان الذي حوله فكل مولود مات على الفطرة، فقال بعض المسلمين يا رسول الله وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأولاد المشركين»، رواه البخاري.
5092 - وعن الأسود بن سريع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بال أقوام جاوز بهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية ألا إن خياركم أبناء المشركين ألا لا تقتلوا ذرية ألا لا تقتلوا ذرية ألا لا تقتلوا ذرية كل نسمة تولد على الفطرة، فما تزال عليها حتى تعرب عنها لسانها، فأبواها يهودانها وينصرانها ويمجسانها»، رواه أحمد والنسائي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه"، وقال ابن عبد البر: حديث صحيح.
5093 - وأخرج الطبراني في "الأوسط" من حديث أنس مرفوعًا «أطفال المشركين خدم أهل الجنة»، وروى أبو يعلى مثل ذلك مرفوعًا من طرق ورجال أحدها ثقات كما في "مجمع الزوائد"، وفي معنى الحديث أحاديث، وإن كانت ضعيفة فبعضها يقوي بعضًا وهي مع حديث البخاري وظواهر القرآن من نحو قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:15] وما في معناها وما تواتر وشهدت به فطرة العقول من سعة رحمة الله تزداد قوة.
وأما ما يروى من الأحاديث بأن أولاد المشركين في النار فقد قال ابن الجوزي في "جامع المسانيد": لا يصح في تعذيب الأطفال حديث، وقال السبكي: كلها ضعيفة، وقال في "شرح مسلم" للنووي: أولاد المشركين في الجنة هذا قول المحققين واختاره لنفسه واحتج عليه بالآية المتقدمة وبحديث سمرة.
قوله: «الفطرة» قال في "مختصر النهاية": كل مولود يولد على الفطرة أي على نوع من الجبلة والطبع المتهيئ لقبول الدين فلو ترك عليها لاستمر على لزومها فلم يفارقها إلى غيرها، وقيل معناه: كل مولود يولد على معرفة الله والإقرار به فلا تجد أحدًا إلا وهو يقرُّ بأن الله صانع، وإن سماه بغير اسمه أو عبد معه غيره، وفطرة محمد دين الإسلام الذي هو منسوب إليه انتهى.
قوله: «جمعاء» بفتح الجيم وسكون الميم بعدها عين مهملة، قال في "القاموس": والجمعاء الناقة المهزولة، ومن البهائم التي لم يذهب من بدنها شيء، وقال في "مختصر النهاية": جمعاء أي سليمة من العيوب مجتمعة الأعضاء كاملتها لا جدع بها ولا كيّ انتهى، والمعنى أن البهائم كما أنها تولد سليمة من الجدع كاملة الخلقة، وإنما يحدث لها نقصان الخلقة بعد الولادة بالجدع ونحو ذلك كذلك أولاد الكفار يولدون على الدين الحق، وما يعرض له من التلبيس بالأديان المخالفة له، فإنما هو حادث بعد الولادة بسبب الأبوين ومن يقوم مقامها.

.[32/50] باب ما جاء من صحة إسلام المميز

5094 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه، فإذا أعرب عنه لسانه إما شاكرًا وإما كفورًا» رواه أحمد.
5095 - وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه عرض الإسلام على ابن صياد صغيرًا فروى ابن عمر «أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رهط من أصحابه قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة، وقد قارب ابن صياد يومئذٍ الحلم فلم يشعر حتى ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظهره بيده، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن صياد: أتشهد أني رسول الله فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين، فقال ابن صياد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتشهد أني رسول الله فرفضه رسول الله، وقال: آمنت بالله وبرسله» متفق عليه وأخرجه أبو داود والترمذي و"الموطأ".
5096 - وعن عروة قال: «أسلم علي رضي الله عنه وهو ابن ثمان سنين» أخرجه البخاري في "تاريخه" وهو مرسل.
5097 - وأخرج أيضًا عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: «قتل علي وهو ابن ثمان وخمسين سنة» وهو مرسل، قال في "المنتقي": وهذا مبين أن إسلامه كان صغيرًا لا أنه أسلم في أوائل المبعث.
5098 - وروى أحمد عن ابن عباس قال: «كان علي أول من أسلم من الناس بعد خديجة»، وفي لفظ «أول من صلى علي رضي الله عنه» رواه الترمذي، وقال: غريب من هذا الوجه.
5099 - وعن عمرو بن مرة عن أبي جمرة عن رجل من الأنصار، قال: سمعت زيد بن أرقم يقول: «أول من أسلم علي، قال: عمرو بن مرة فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي قال: أول من أسلم أبو بكر الصديق» رواه أحمد والترمذي وصححه.
وقال في "المنتقى": وقد صح أن من مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى وفاته نحو ثلاث وعشرين سنة، وأن عليًا عاش بعده نحو ثلاثين سنة فيكون قد عمر بعد إسلامه فوق الخمسين وقد مات ولم يبلغ الستين فعلم أنه أسلم صغيرًا. وقد صح أن أول من أسلم من الصبيان علي وأول من أسلم من الرجال أبو بكر وأول من أسلم من النساء خديجة.
قوله: «أطم بني مغالة» أطم بضم الهمزة والطاء المهملة: هو الشيء المرتفع.

.[32/51] باب حكم أموال المرتدين وجناياتهم

5100 - عن طارق بن شهاب قال: «جاء وفد بزاخة من أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح فخيرهم بين الحرب المجلية والسلم المخزية، فقالوا: هذه المجلية قد عرفناها فما المخزية، قال ينزع منكم الحلقة والكراع، ويغنم ما أصبنا منكم، وتردون علينا ما أصبتم منا، وتدون قتلانا، ويكون قتلاكم في النار، وتتركون أقوامًا تتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين والأنصار أمرًا يعذرونكم به فعرض أبو بكر ما قال على القوم، فقال عمر بن الخطاب: قد رأيت رأيًا وسنشير عليك أما ما ذكرت من الحرب المجلية والسلم المخزية فنعم ما ذكرت، وأما ما ذكرت أن نغنم ما أصبنا منكم وتردون ما أصبتم منا فنعم ما ذكرت، وأما ما ذكرت يدون قتلانا ويكون قتلاهم في النار فإن قتلانا قاتلت فقتلت على أمر الله أجورها على الله ليس لها فتتابع القوم على ما قال عمر» رواه البرقاني على شرط البخاري.
قوله:«بزاخة» بضم الباء الموحدة ثم زاي وبعدها ألف ثم خاء معجمة، وهو موضع قيل بالبحرين، وقيل ماء لبني أسد.
قوله: «المجلية» بضم الميم وسكون الجيم بعدها لام مكسورة ثم تحتانية من الجلاء بفتح الجيم وتخفيف اللام مع المد، ومعناه الخروج عن جميع المال.
قوله: «المخزية» بالخاء المعجمة والزاي، أي: المذلة.
قوله:«الحلقة» بفتح الحاء المهملة وسكون اللام بعدها قاف: هي السلاح عامًا، وقيل: الدرع.
قوله: «تتبعون أذناب الإبل» أي: تمتهنون بخدمة الإبل ورعيها والعمل بها لما في ذلك من الذلة والصغار.

.[33] كتاب الجهاد والسير

.[33/1] باب الحث على الجهاد وفضل الشهادة والرباط والحرس

5101 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها» متفق عليه.
5102 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق» رواه مسلم وأبو داود والنسائي.
5103 - وعن أبي عبس الحارثي، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار» رواه أحمد والبخاري والنسائي والترمذي.
5104 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لن يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد والنسائي والحاكم وصححه، وفي رواية أحدهم: «لا يجتمع غبار في سبيل الله، ودخان جهنم في منخري مسلم أبدًا».
5105 - وعن أبي أيوب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «غدوة أو روحة في سبيل الله، خيرٌ مما طلعت عليه الشمس وغربت» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
5106 - وللبخاري من حديث أبي هريرة مثله.
5107 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة» رواه أحمد والترمذي وحسنه.
5108 - وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف» رواه أحمد ومسلم والترمذي.
5109 - وعن ابن أبي أوفى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الجنة تحت ظلال السيوف» رواه أحمد والبخاري.
5110 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة، وكلمه يدمى اللون لون الدم، والريح ريح المسك» وفي رواية «كل كلم يكلمه العبد في سبيل الله، فإنها تأتي يوم القيامة كهيئتها تفجر دمًا، اللون لون الدم والعرف عرف المسك» أخرجاه.
5111 - وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها» متفق عليه.
5112 - وعن معاذ بن جبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة، ومن جرح جرحًا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها لون الزعفران وريحها المسك» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه وأخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح.
5113 - وعن عثمان بن عفان قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل» رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري، ولابن ماجة معناه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
5114 - وعن سلمان الفارسي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، فإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
5115 - وعن عثمان بن عفان قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة بقيام ليلها وصيام نهارها» رواه أحمد والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
5116 - وعن ابن عباس قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.
5117 - وعن أبي أيوب قال: «لما نزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار لما نصر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأظهر الإسلام قلنا: هل نقيم أموالنا ونصلحها فأنزل الله تعالى {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195]، قال: ألقى أيدينا إلى التهلكة أن نقيم أموالنا ونصلحها وندع الجهاد» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن صحيح وصححه الحاكم وابن حبان.
5118 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم» رواه أحمد وأبو داود والنسائي ورجال إسناده رجال الصحيح وصححه النسائي وهو في "بلوغ المرام" بلفظ: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم» وصححه الحاكم.
قوله: «نكب» بضم النون وكسر الكاف، قال في "الفتح": النكبة أن يصيب العضو منه شيء فيدميه.
قوله: «رباط يوم في سبيل الله» بكسر الراء وبعدها موحدة ثم طاء مهملة والمرابطة المقام في ثغر العدو.
قوله: «الفتان» بفتح الفاء وتشديد التاء الفوقية وبعد الألف نون هو الشيطان لأنه يفتن الناس عن الدين.
قوله: «حرس ليلة» هو مصدر والمراد هنا حراسة الجيش يتولاها واحد منهم فيكون له ذلك الأجر.